[i][b]
لا مناص من إعتبار الأسرة كمؤسسة من ضمن المؤسسات الإجتماعية القائمة بحد ذاتها على تربية النشأ الحديث و الإرتقاء به إلى مستوى تحدي الصعاب و تحمل المسؤوليات الفردية و الجماعية و الموازنة بين الواجب و الحق من أجل ضمان الإستقرار الإجتماعي و السير نحو اتجاه المبادىء السامية العليا و القيم النبيلة التي تحقق أمن الجميع كالإحترام و التضامن و التنمية الذاتية لبناء المجتمع الواحد و تحقيق آفاقه المستقبلية.
و الملاحظ أن المجتمع العربي كغيره من المجتمعات المعاصرة يلعب دورا وظيفيا في تسخير مؤسساته من أجل البناء البشري الراقي كالمدرسة و الجامعة و مراكز التكوين المهني و التمهين و الجمعيات الثقافية ناهيك عن المساجد التي تسعى سعيا إستمراريا في توعية الأجيال و تحذيرهم من الإنحراف الذاتي و الحد من التصرفات اللامسؤولة عن طريق غرز أهمية المسؤولية في أفكارهم للنهوض بالمجتمع نحو البناء و التقدم و من أجل تحقيق هذه المبادىء فإن أول منطلق لها ينحدر من التنشئة الأسرية الت ي تعمل على التأثير في سلوكات الأبناء اليومية من خلال تلقينهم لمفاهيم يسعى آباءهم بمنحها لهم تدريجيا فيؤثرون تأثيرا مباشرا على مشاعرهم و طرق تفكيرهم إن لم نقل أنها إستراتيجية يتم من خلالها البناء الشخصي للطفل تتفاعل سلوكاته اليومية و مقومات المجتمع الأخلاقية.
هذه التنشئة التي تجعل الفرد مناطا بروح المسؤولية من خلال إدراك الشخص بحاجته الماسة إلى إرضاء ضميره الأخلاقي و تبرئة ذمته تجاه أفراد مجتمعه فيضع بذلك حدا لأنانيته أو غريزته الفطرية من أجل مصلحة الجميع .
هناك العديد من العائلات العربية من تجعل من مبدأ الإيثار قيمة عليا و فضيلة سامية تدفع من خلالها الأبناء إلى الحفاظ على العلاقات الإجتماعية المتوخاة في الصداقة و القرابة و الأخوة و ذلك عن طريق النصح و الإرشاد و الإعتماد على أسلوب الترغيب و الترهيب للحد من الوقوع في الجرائم و الإنحرافات الضارة بالشخص و المجتمع فهي بذلك تسعى من خلال وسائل الإعلام إلى تحديد البرامج التي تثير في نفسهم التفكير بموضوعية تامة مع إقصاء الذاتية هذه الأخيرة التي كثيرا ما كانت سبب التخلف في كثير من الدول العربية
فالموضوعية تتعلق إلى حد ما بموضوع التسلح بالوعي في المجتمع بإدرا ك الطبيعة التي يعتمدها أفراده في العيش بها وفق متطلبات الزمن فهي تساعد على كيفية التعامل مع المشاكل بمواجهة أي خطر قد ينجم عنها و هي تساعد أيضا على تعويض السلوك الفطري الغريزي إلى سلوك منطقي هذا الأخير الذي له مفعولا أخاذا في جعل نفسية الفرد تنعم بالثبات الروحي أثناء التأقلم مع أي وضع من الأوضاع الراهنة للمجتمع و يلعب التحصيل العلمي دوره الفعال في هذا الأمر كذلك و عن طريق إحترام النظام الداخلي لمؤسسات الدولة فإن ذلك يجعل من مكتسبات الفرد ترقى إلى مستوى الإصلاح و التغييروالحث على الإنتاج بكثرة بدلا من الإستهلاك مما يحفز على اللحاق بركب التقدم الذي لحقت به الدول الغربية خلال مرحلة النهضة و التنوير، إذ أن أهم هدف أو برنامج ينبغي تخطيطه لتقويم سلوك النشأ الحديث هو الدفع به إلى الإهتمام بقضايا الأمة و الوطن و مواجهة الفتن الملمة به و القضاء على مظاهر الإنقسام و النزاع